هل حُرِفَ ألإنجيل ؟؟
الخطأ الذي يُثبِت عدمِ تحريف ألإنجيل

لو تغيرت كلمة واحدة في الانجيل أو التوراة لأدى ذلك الى إختلافات وتباينات كثيرة بين التوراة والانجيل , ولكن الحال إن التوراة والانجيل متفقان تماماََ في سرد القصص الرمزية في التوراة ومدلولها الحقيقي على أرض الواقع كما في العهد الجديد , وهذه القصص لم يعلم مدلولها حتى الذين أتموا النبوآت في العهدين القديم والجديد إلا المسيح وحده فقط. ولما كان النصارى واليهود على إختلافِِ دائِم فيما بينهم في شتى امور الإيمان بما في ذلك شخصية المسيح ذاته , فإي تغيير في العهد الجديد لفضح اليهود عدم تطابقهِ مع الكتاب الذي بين أيديهم , وأي تحريفِِ في العهد القديم ( التوراة ) لفضحَهُ النصارى فسوف يُخِلُ في تحقق النبؤآت وإكتمال العقيدةِ المسيحيةِ ذاتها.

فاليهود يعتقِتدون أنهم شعبُ الله المُختار فلماذا لم يُحرفوا التوراة التي تفضح طباعهم وعدمِ إيمانهم وغلاظةِ قلوبهم وقساوةِ رقابهم والإنتقاصِ من مكانةِ ونسبِ ملوكهم كسليمان الذي كانت أمهُ حثية وليست يهودية وحقيقةِ بنائِهِ للمعابد الوثنية وهو نبيُ الله الذي أُعطي الحكمةَ " أفأي نبي حكيم هذا الذي يبني معبداََ لِوثَن " و داؤد أي نبي وملِك هذا الذي يكتُبَ الزبور ويقتُلَ قائداََ في جيشِهِ غَدراََ ليتَزوجَ بِإمرأتِهِ . فلو أراد اليهود أن يحرفوا لحرفوا مئات المواضع التي تنتَقِص منهم ومن إيمانِهم وأنبيائِهم وملوكهم وإنقساماتهم , أولن يكن هارون وأخته مريم من وقف في وجه موسى وعاقبهما الله.

أما بالنسبة للنصارى ألم يكن خيراََ واكثر لياقةََ لهم أن يُصفوا المسيح الذي ولدَ بمعجزةِِ ربانية من عذراء , وعمل ألوف المعجزات وأحيا الموتى بالنبي الذي لا يُقهر بل يُرفعُ الى السماء رفعاََ كما رُفِعَ إيليا وأخنوخ قبله في العهد القديم بدل أن يقبلوا بوصفه بإبن الله الذي يُشتَم ويُبصق عليهِ ويُهان ويُذل إذلالاََ ويُسقى العذابَ ثُم يُصلب ليموت ثُم يقوم , أهناك مجنوناََ لا يُريدُ أن يتباهى بملكِ الملوكِ الذي يُحي الموتى والذي يُرفع الى السماء بدل أن يُصلب ويتَعذبَ ليموت ثُم يُرفعُ حياََ مُمَجداََ .

نعم يا سادة هي الحقيقةُ ذاتها "قد صُلِبَ الملك إبن الله" فلو لم يُصلب لم يكن من فائدةِِ لمجيئهِ ولا لجميعِ عجائبهِ ولا لجميع أقوالهِ ولا حتى أفعالِهِ ولا فائدة من جميعِ الأنبياء الذين جاؤا قبلَهُ ولا حتى مِن مَن إدعى النبؤةِ من بعدهِ . فما فائدتهم جميعاََ وكل البشر من آدم والى يوم الدين ذاهبون جميعاََ الى جهنم ليكونوا فيها خالدين مع من سبقهم من الاباليس والشياطين.

ولا فائدة للبشر من فداء وصلبِ المسيح إذا لم يكن إلهاََ وإن لم يكن هو قد قدم نفسه طوعاََ كبديلِِ عنهم فلو كان إنساناََ ونبياََ فقط لن يكن بإستطاعتِهِ إلا فداء شخصِِ واحد وبشرط أن يكون هو نفسه بدون أي خطيئة , ولو صلبوه عنوةََ وبالرغم عنه لن يكون فدية مقبولة عِوضاََ عن أحد. ولِذا ذُكِرت هاتين النقطتين في الانجيل ليفهم البشر القصد ومعنى الفداء ففي:

يوحنا ( 18- 4) : - فأخذَ يهوذا الفرقةَ وخداماََ من عندِ رؤساءِ الكهنةِ والفريسيين وجاءَ الى هناك ( البستان ) بمصابيح ومشاعِلَ وأسلحةِِ ( 4 ) فخرج يسوع وهو عارفُُ بجميعِ مأ يأتي عليهِ وقالَ لهم من تطلبونَ . ( 5 ) فأجابوهُ يسوع الناصري. فقال لهُم يسوع أنا هو. وكان يهوذا الذي أسلمهُ واقفاََ معهم ( 6 ) فلما قالَ لهم أنا هوَ إرتدوا الى الوراءِ وسَقطوا على الارضِ ( 7 ) فسألهم ثانيةََ من تطلبونَ فقالوا يسوع الناصري ( 8 ) أجابَ يسوع قد قُلتُ لكم إني أنا هو فأن كنتم تطلبوني فدعوا هولاءِ ( تلاميذه ) يذهبونَ.

وفي: متى ( 26 - 51) : وإذا واحدُُ ممن كانوا مع يسوع مدَ يدهُ وإستلَ سيفهُ وضربَ عبد رئيس الكهنةِ فقطع أُذُنَهُ. ( 52 ) فقال لهُ يسوع أردُد سيفَكَ الى غِمدِهِ لأن كلَ من يأخُذُ بالسيف بألسيف يهلكُ ( 53 ) أتَظُنُ أني لا أستطيعُ أن أسأل أبي فيُقيمَ لي في الحالِ أكثر من إثنتي عشرةَ جوقةََ من الملائكةِ ( 54 ) ولكن كيفَ تتمَ الكُتُبُ فإنهُ هكذا ينبغي أن يكون.

كما ترون قد قَدَم المسيح نفسَه طوعاََ ولأنهُ إلهاََ كان بإمكانهِ أن يطلبَ من الملائكةِ أن تُدافِعُ عنهُ ولكنهُ لم يفعل , أما كونهُ إلهاََ فهذا واضح من سقوط الاشرار أمامهُ حالما أعلن عن ذأتِهِ لهم.

أما الشرط الثاني للفداء بان يكون الفادي من دون أي خطيئةِ في ذاتهِ فهذا واضح وقد وردَ في:

يوحنا ( 8 - 45) : أما أنا فلأني أقولُ الحقَ لا تؤمنون بي. ( 46 ) من منكم يُثبِتُ علي خطيئةََ . فإن كُنتُ أقول الحق فلِماذا لا تُؤمنون بي ( 47 ) من كان من الله يسمعُ أقوال اللهِ ولهذا أنتُم لستُم تسمعون لأنكم لستُم من الله .

ألا تفهمون أن الله تعالى وتبارك إسمهُ هو قدوسُُ أزَلِيُُ لا يُمكِن أن تلتقي قدسيته مع بشرِِ خطاة عصاة لهم الكثير أو القليل من الشر في ذواتهم . أفلا تَتَسألون لماذا طُرِدَ آدمَ وزوجَهُ من نعيم الفردوس بسبَبِ عصيانِِ واحدِِ فقط ومن دون حسابِ لأي من أعمالهم الصالحة في طاعتِهِ تبارك إسمه . فلو حُسِبت موازينَ أفعالهم الصالحة مع المعصية الواحدة التي إرتكبوها لكنا ألآن خالدين نمرحُ جميعاََ في جنات النعيم.

فإسمعوا هذا يا بشر "من إقتَرفَ خطيئة واحدة فقط في كل حياتِه من أولها الى آخِرها لن ولن يرى وجه الله القدوس أبداََ " , ومثواهُ في جهنم وبِئسَ الجحيم إلا من آمن وقبلَ فداء إبن الله الذي صُلِبِ من أجلهِ وإعتمدَ بإسم الآب والابن والروح القدسِ.إلهاََ واحِداََ مالكاََ لكُلِ الدهورِ.

ونذكر هنا خطاََ واحداََ جاءَ في:

متى ( 24 - 26 ) : فإن قالوا لكم ها إنهُ في البريةِ ( المسيح ) فلا تخرجوا أو ها إِنَهُ في المخادعِ فلا تُصدِقوا ( 27 ) مثلما أن البرقَ يخرجُ من المشارقِ ويظهَرُ الى المغاربِ كذلكَ يكونُ مجيُْ إبنِ البشرِ ........( 29 ) وعلى أثَرِ ضيقِ تلكَ الايامِ تظلمُ الشمسُ والقمرُ لا يُعطي ضوءَهُ والكواكبُ تَتَساقطُ من السماءِ وقواتُ السماءِ تَتَزعزعُ ( 30 ) حينئِذِِ تظهرُ علامةُ إبنِ البَشَرِ في السماءِ وتنوحُ حينئِذِِ جميعُ قبائلِ الارضِ ويرونَ إبنَ البشَرِ آتياََ على سحابِِ السماءِ بقوةِِ وجلالِِ عظيمينِ ( 31 ) ويرسِلُ ملائكتِهِ بِبوقِِ وصوتِِ عظيمِِ فيجمعونَ مُختاريهِ من الرياحِ الاربعِ من أقاصي السماواتِ الى أقاصيها ...

لم يجرأ أحدِِ ما أن يغير في الفقرة ( 27 ) أعلاه , فالبرق يخرج من جميع الإتجاهات ويذهب الى أي إتجاه وليس لهُ إتِجاه مُحدد مُلزِم لَهُ , والشيء الذي يخرِجُ دائماََ من الشرقِ ويذهبُ الى الغَربِ هو الشمس فإن كان تحريف الإنجيل وارداََ لكان ألأولى بألمحرفين أن يُغيروا كلمة البرق ويُضعوا بدلها كلمة الشمس لتعطي الجملة اعلاه معناََ بيناََ واضحاََ . ولما كان اللهُ حافظاََ لكلِمَتِهِ ولما كان المؤمنين يخافون أن يقعوا تحت غضَبِ اللهِ إن هُم غيروا وبدلوا في كتابهِ تعالى وتبارك إسمه , فلم يجرأ أحد منهمُ أن يُغير حتى الخطاْ الحاصل بسببِ الترجمةِ من اللغة الاصلية بل ذهب المُفَسِرون طرائِق شتى مُحاولين إعطاء معنى لهذه الجملة. وطُبِعَ وتُرجِمَ الإنجيل ملايين المرات ولم يجرأ أحد أن يُمسِس حتى كلمة واحدة ويُغيرها.

فكما ترون فألمسيح آتِِ في مجدهِ ثانيةََ وستَظهرُ علامتُه معَهُ أي علامةِ الصليب في كَبَدِ السماءِ رداََ حاسماََ على كلِ من قالَ شُبِهَ بِصَلبِهِ ولم يؤمن بفدائِهِ , ولكن هيهات ثُم هيهات فساعتها لن يُفيد الندم ولا حتى يجدي نفعاََ البكاء والعويل ولا نبيُُ أو دينُُ بديل.

بقلم / نوري كريم داؤد

08 / 01 / 2001 



"إرجع إلى ألمجلة"